- محمد فودة وأحمد الشربيني - دبي
التاريخ: 12 فبراير 2012
محرر الشيكات يهرب خارج الدولة بعد إتمام الصفقة. تصوير: دينيس مالاري
أفاد مسؤولون في شركات بدبي بأنهم تعرضوا للاحتيال، من جانب شركات يديرها موظفون آسيويون، وقالوا إن شركات تشتري بضائع متنوعة ـ من عدد كبير من التجار ـ مقابل شيكات فورية يوقعها أشخاص يفترض أنهم مالكو تلك الشركات، وعند توجههم إلى صرفها يجدونها من دون رصيد، فيضطرون إلى تقديم بلاغات ضد محرر الشيكات، لكن يتبين أنه قد غادر البلاد، بعدما أدى دوره لمصلحة الأشخاص المدبرين، الذين يبيعون البضائع بأسعار أقل، من دون أن يتعرضوا لأي مساءلة قضائية.
فيما قالت شرطة دبي إنها تتخذ إجراءات فورية، في ما يتعلق ببلاغات الشيكات، لكن القانون لا يصنفها باعتبارها احتيالا، إلا إذا كانت هناك قرينة تدل على ذلك، مؤكدة أنها تتعامل مع هذه الحالات بكل جدية، حفاظاً على حقوق أصحاب المال، إذ من الضروري على التجار الذين يتعاملون بالشيكات التأكد من سمعة عميلهم وجديته، قبل منحه بضائع بمئات الآلاف.
من جانبها، أوضحت دائرة التنمية الاقتصادية أن دور الدائرة ينحصر في متابعة الشكاوى، وتنفيذ أحكام القضاء، لافتة إلى أن التعامل بالشيكات إجراء اعتيادي في التجارة، ومن الطبيعي أن تحدث تجاوزات، مؤكدة أن الحالات التي سجلت في دبي لم تؤثر في مؤشر نمو تراخيص الشركات.
ضحية احتيالوتفصيلاً، قال المدير الفني في شركة «ك.ا» للتجارة العامة في دبي خالد خضر، إن «شركته كانت ضحية احتيال بشيكات من دون رصيد، حين باعت بضائع لموظفي شركة من جنسيات دولة آسيوية بشيكات موقعة من قبل مالكة الشركة، وبعد إتمام الصفقة وتسلم البضائع اختفوا تماماً من السوق، وحين توجه إلى البنك لصرف الشيكات اكتشف أنها من دون رصيد».
وأضاف أنه بحث عن صاحبة الشركة، لكنه اكتشف أنها غادرت الدولة فور إتمام الصفقة، مشيراً الى أن شركات أخرى تعرضت للاحتيال بالطريقة نفسها، إذ حرر 29 تاجراً بلاغات بحق صاحبة الشركة في مراكز شرطة مختلفة.
وأشار خضر إلى أن «شكوكه تزايدت تجاه موظفي الشركة، حين اكتشف أنهم عاودوا الظهور مجدداً باسم شركة تجارية جديدة، مسجلة باسم شخص آخر من جنسيتهم، وينفذون عمليات مشابهة، من خلال شراء بضائع بشيكات، وإعادة بيعها في السوق بأقل من سعر الكلفة».
وقال المدير التنفيذي في شركة «ماجد عيسى» لتجارة الإلكترونيات ناندرا سانتيني، إنه تعرض للاحتيال من جانب شركة يديرها أشخاص يحملون جنسيات دول آسيوية، إذ تسلم شيكات قيمتها 54 ألف درهم، وبعدها اكتشف أنها من دون رصيد.
وقال المحاسب في شركة «ا.ر للتجارة العامة» رجب حسين، إن «شركته تعرضت للاحتيال من قبل موظفين من دول آسيوية، ينتقلون من شركة إلى أخرى لتنفيذ عمليات احتيال بشيكات من دون رصيد بأسماء «مديرين صوريين»، ويتم تسفيرهم خارج الدولة، موضحا أن «تكرار التحايل بهذه الطريقة يكبد العديد من التجار خسائر مالية كبيرة، ويهدد بخروج شركات صغيرة من السوق، نتيجة عدم تحملها هذه الخسائر».
إجراءات احترازيةإلى ذلك، قال نائب القائد العام لشرطة دبي اللواء خميس مطر المزينة، لـ«الإمارات اليوم»، إن «هناك إجراءات احترازية يجب أن يلتزم بها التاجر إذا قرر التعامل بالشيكات، خصوصاً إذا لم يسبق له التعامل مع الطرف الآخر، منها التأكد من الوضع التجاري للشركة، ومراجعة أعمالها السابقة، والتأكد من عدم ارتكابها مخالفات تجارية». وأضاف أن البيع بالشيكات جزء من العمل التجاري، لكن يستلزم الأمر فقـط تطبيق قاعدة «اعرف عميلك»، أو اللجوء إلى طريقة الشيك المصدق قبل إتمام عملية البيع، مشيراً إلى أن «عرض البضائع بأسعار أقل من سعرها الحقيقي يغري التجار، ويدفعهم إلى قبول الصفقة دون التأكد من سلامة موقف العميل».
وأشار إلى أن مثل هذه الشكاوى لم تكن موجودة سابقا، وتحديداً قبل الأزمة الاقتصادية العالمية، لذا فإن التعامل مع شركات أو تجار للمرة الأولى يستلزم إجراءات احترازية، خصوصاً في ظل نقص السيولة، مؤكداً أن التاجر يتحمل مسؤولية التعاملات، وتحديداً في حالات البيع بالأجل، إذ يجب عليه التعرف إلى وضعية عميله جيداً. وتابع المزينة أنه «يوجد تجار لا يعرفون وضع السوق ويلمون بالشركات الموثوقة، مؤكداً ضرورة اتخاذ احتياطات عند التعامل مع أشخاص مجهولين»، مشيراً إلى أنه «على التاجر القيام بواجباته قبل أن يواجه مشكلات لاحقة، ويحتاج اللجوء إلى الشرطة أو إلى جهات أخرى».
تنفيذ أحكام القضاءفي سياق متصل، قال المدير التنفيذي في قطاع التسجيل التجاري والترخيص في دائرة التنمية الاقتصادية محمد شاعل السعدي، إن «دور الدائرة بالنسبة لشكاوى الشركات، من عمليات البيع بشيكات من دون رصيد، يرتكز على تنفيذ أحكام القضاء بشأن الشركات المخالفة»، موضحاً أن «تلك العمليات تتم وفق أسس تجارية في سوق مفتوحة، والدائرة ليست لديها سلطة قضائية للفصل والتأكد من صحة كلام شـركات بحق شركات أخرى، وبالتالي يكون للقضاء الحكم في ما يخص الرخصة التجارية للشركات المشكو في حقها».
وأضاف أن «تلك العمليات لم تؤثر في نمو تراخيص الشركات في دبي، باعتبار أنها تحدث بشكل متكرر، في أسواق مختلفة من العالم»، مطالباً بـ«ضرورة زيادة وعي الشركات بالتحري عن الشركات التي تتعامل معها بشيكات مؤجلة، لعدم التعرض لمأزق البيع بشيكات من دون رصيد، مع أهمية اللجوء إلى الشرطة والقضاء، لسرعة الفصل في قضاياها، التي تستغرق وقتا، وفق خطوات البحث والتحري عن الأدلة والبراهين حول الشركات، والاستفسار عنها في السوق»