قصة الرجل المليونير .. الذي تحول إلى عامل نظافة في المسجد الحرام براتب 600ريال
قصة انقلها لكم للعبرة وفيها الكثير من الدروس والعبر
.. بلسان راويها الذي يقول
يسعدني أن أقدم لكم هذهِ القصة الحقيقية والتي سمعتها من فم راويها ، الذي عاشها
لحظة بلحظة وهو رجل ثقة ذو خلق ومن الثقاة عندنا .
سافر هذا الصديق ، والذي يدعى ( فهد ) مع صديقٍ له يدعى ( خالد ) إلى دولة البحرين
في عام 2001 م –21/1422هـ ، وذلك لأن خالد كان يشتكي آلاماً في ظهره ، فوصف له بعض الأصدقاء
طبيباً مختص بارع وحذق في آلام العظام بشكل عام .
وبعد وصولهما للبحرين ، أقاما في أحد الفنادق هناك ، وبينما كان خالد أستسلم
للنوم من أثر التعب والإجهاد ، خرج فهد وحده للسوق مشياً على الأقدام ، باحثاً عن مطعمٍ ينحر بهِ جوعه !!
يقول خالد : وبينما أنا أسير في منتصف السوق تقريباً ... إذ لفت انتباهي مطعم فخم صغير
ومزدحم كثيراً ، فقلت في نفسي ، لو لم يكن هذا المطعم متميز لما كان عليهِ هذا الإقبال الشديد
والازدحام ... رغم ضيق مساحته . فاتجهت إلى المطعم ودفعت بابه لكي أدخل ،
فأخذت أنظر يميناً وشمالاً في صالة المطعم لعلي أجد مكاناً خالياً أجلس بهِ ، ولكن للأسف لم أجد !
وفجأة وإلا بمدير المطعم يبتسم بوجهي ويرحب بي ، ويقول :
هل أجعل لك طاولة خاصة أمام واجهة المطعم ؟
فقلت وبلا تردد : نعم .. لو سمحت .
فجلست وحيداً أنتظر العشاء ..
وفي هذهِ اللحظات إذ توقفت أمام المطعم سيارة فارهة جداً ، ترجل منها صاحبها الذي بانت
اعلانات
عليه علامات الثراء ، فهرع له عدد من موظفين المطعم ليستقبلوه ويرحبون به ، فلما
وقعت عيناه على عيني ، أخذ لي لحظات يرمقني من بعيد ، إلى أن أقبل
علي .. ثم أتستأذنني بالجلوس ، فأذنت له وعندما جلس أمامي على طاولة واحدة ،
أخذت تفوح من فمهِ رائحة كريهة ونتنه جداً !!
حتى أنني رجعت بالكرسي للخلف .. محاولاً الابتعاد عنه ، ولكن لا فائدة ..
وبعد صمت دام لمدة ما ، بدد الرجل غيوم الصمت ..
فقال : يا شيخ ، أشعر بأنك متضايق من رائحة فمي المزعجة ..
هل هذا صحيح ؟
فقلت له بكل لطف : نعم صدقت
فقال : يا شيخ .. أنا مبتلى بشرب الخمر منذ أثنى عشر عاماً !! ولا أستطيع مفارقته
، وكيف أستطيع التخلي عنه وهو الآن يسرى في شراييني ؟ !!
فقلت له : لا حول ولا قوة إلا بالله ... والله إنه أمر عظيم جداً !!
فسكتنا نحن الاثنين .. وبعد لحظات أخذ الرجل يتأفف ويتنهد بنفس طويل
فقلت له : استغفر الله يا أخي ... ولا تتأفف وتنفُخ ، بل أذكر الله وادعوه
أن يُفرج همك ويشرح صدرك ويعينك على بلواك
فقال : يا شيخ أنا عندي ملايين كثيرة ، ومتزوج ولدي خمسة أولاد ... لا يزروني
ولا يسألون عني مطلقاً ولو عن طريق الهاتف !!
وأخذ يشتكي لي ويفضفض ...
إلى أن قال : لعن الله المخدرات ، لعن الله المخدرات
فقاطعته وقلت : وما دخل المخدرات في الأمر ؟ !!
فقال الرجل : أنا من تجار المخدرات يا شيخ !!
فسقط ما في يدي .. واندهشت من أمره كثيراً
فقال لي : يا شيخ .. إن أردتني أن أذهب وأتركك .. سأذهب بسرعة ولن أغضب منك
فقلت بعد لحظات من الصمت الممزوج بالحيرة
قلت : لا ... اجلس ولا تذهب حتى نتعشى .. وما هي إلا لحظات حتى جاء العشاء ،
وأكلنا حتى شبعنا ، فأتى ( الجرسون ) بمحفظة وضع بها الفاتورة ، فوضع المحفظة
بيننا ثم انصرف ، فأدخل الرجل المليونير يديه في جيوبه ، فأخرج منها
رُزم من الأوراق المالية ، فوضعها أمامي على الطاولة ... وقال : أنظر يا شيخ
إنها 32 ألف دولار ، كلها من الحرام ، فبالله عليك أن تدفع أنت حساب الفاتورة
، حتى ينفعني الله بما أكلت من مالك الطيب الحلال فسددت الفاتورة وخرجنا
فقال لي الرجل المليونير : يا شيخ أنا محتاج لك جداً جدا ،
أرجوك ثم أرجوك ألا تتركني للحيرة والعذاب ..
فقلت له : أنا حاضر بالذي أقدر عليه بإذن الله ، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها
قال : يا شيخ .. أنا ارتحت لك كثيراً ، وقد انشرح صدري لجلوسي معك ...
هيا لنجلس معاً في أي مكان أنت تختاره
فقلت له : أما الآن فلا أستطيع ، ولكن أعدك بإذن الله بأن سألتقي بك غداً صباحاً حيث
أنني متعب من السفر ، ثم إن صاحبي ( خالد ) تركته وحيداً في الفندق نائماً .. وربما قد
يكون الآن مشغول الذهن علي فتمعر وجهه واعتراه الأسى ..
فقال : حسناً حسنا ، إليك ( كرتي ) فيهِ أرقام هواتفي
فأخذت منه ( الكرت ) واتجهت للفندق وما هي إلا لحظات حتى مرني الرجل نفسه ،
يقود سيارته الفخمة ، فوقف بجانبي وأنزل زجاج السيارة
وقال : يا شيخ
أعذرني .. أقسم بالله العظيم أنني أتشرف بركوبك بجانبي ، ولكن هذهِ السيارة جلبتها
بالمال الحرام ، وكلها حرام في حرام ، ولا أريد أن أجلسك على مقعد حرام ..
فتركني وذهب لحال سبيله ..
وعند وصولي للفندق وجدت صديقي خالد ، قد أستيقظ فأخبرته بالذي جرى بيني
وبين ذلك الرجل المليونير فتعجب خالد جداً من أمر ذلك الرجل ، وعزمنا أن ندعوه
على الفطور وأن نحاول أن نسحب رجليه إلى عالم الخير والهداية والصلاح .
وفي الساعة التاسعة صباحاً .. اتصلت بالرجل المليونير ودعوته على الفطور في
الفندق الذي نحن مقيمين فيهِ ، فحظر وجلسنا معه ، وأخذ صديقي خالد يعضه
وينصحه بكلام جميل وطيب ، يؤثر في الصخر ... حتى تأثر ذلك الرجل تأثراً بالغاً
قد بان عليه ، وقد رأيت دموعاً صادقة تلألأت في عيناه ، ثم انحدرت على
خديه ، فرفع الرجل المليونير كفيه للسماء وأخذ يقول :
اللهم إني أستغفرك .. اللهم اغفرلي .. اللهم اغفرلي
فعرضت عليه أن نزور بيت الله الحرام للعمرة ، وأخذت أحدثه عن فضل العُمرة
وما لها من أثر نفسي وراحة للمعتمر فقال الرجل : أعطوني فرصة للتفكير ،
وسوف أقوم بالاتصال بكم قبل الساعة الواحدة ظهراً ثم أنفض مجلسنا .
وفي تمام الساعة الثانية عشر أخذ هاتف الغرفة يرن ، فرفعه خالد .. وكنت
حيينها أقف أمامه ، فأشر لي أن هذا المتصل يكون هو صاحبنا الذي ننتظر رده
فأخذ يتكلم معه حول العُمرة ، وسمعت خالد يشترط على الرجل أن لا يأخذ معه للعُمرة ولا درهماً واحداً .
وفي الساعة التاسعة والنصف مساءً ، وبعد أن أنهينا جميع أعمالنا في البحرين ،
انطلقنا نحن الثلاثة أنا وخالد والرجل نحو مكة المكرمة ،
وهناك عند الميقات تجرد الرجل من ثيابه ولبس إحراماً اشتريناه له ، فأخذ كل
ملابسة التي كان يرتديها .. ورمى بها في حاوية النفايات ، وقال :
لا بد أن تفارق هذهِ الملابس الحرام جسدي
وبعد أن انتهينا من تأدية مناسك العُمرة .. قررنا أن نخرج من
الحرم لكي نتحلل من الإحرام ونبحث عن سكن لنا
فقال الرجل المليونير بصوت حزين : اتركوني أجلس هنا .. أرجوكم ، واذهبا أنتما
فقلنا له حسناً .. ووصيناه أن لا يغادر مكانه
فلما عدنا لصاحبنا بعد أكثر من ساعة ... وجدناه في مكانه نائماً وقد نزل منه
العرق بغزارة فأيقظناه من النوم و ذهبنا بهِ لبئر زمزم ، فلما شرب منه طلب منا
أن نفيض عليه من ماء زمزم ، فأخذنا نصب عليه الماء حتى بللنا جسده بالكامل !!
فلما ذهبنا للسكن لكي نرتاح وبعد لحظات ... طلب منا أن نسمح له
بالرجوع للحرم المكي فسمحنا له ، فخرج للحرم بعدما ارتدى
ثوب بسيط بعشرة ريالات ، وانتعل حذاء بخمس ريالات ...
بعدما كان يرتدى ما يزيد سعره عن 500 ريال دفعة واحدة
وبعد صلاة الفجر .. التقينا بهِ بالحرم ، فسلمنا عليه وإذ بالنور يشع من وجههِ
والابتسامة السمحاء طغت على ثغرهِ فطلب منا أن نوصله بأحد أئمة الحرم المكي
لأمر ضروري خاص بهِ ... وبعد جهد جهيد استطعنا تحديد موعد مع أحد أئمة
الحرم القدماء ، بعد صلاة العشاء في مكتبة الخاص الكائن بالحرم ..
فلما أتى الموعد ودخلنا سوياً على إمام الحرم الذي كان ينتظرنا .. فسلمنا عليه ،
فأقترب منه صاحبنا وقال له : يا شيخنا الكريم ، إني أملك ثلاثون مليون دولار كلها
من مكسب حرام ، واليوم أنا تبت لله توبة صادقة ، وأنبت إليه ، فما أفعل بها ؟
قال الشيخ الإمام بكل هدوء ووقار : تبرع بها على الفقراء والمحتاجين
فقال الرجل المليونير : يا شيخ إن المبلغ كبير ، وأنا لا أعرف كيف أصرفها... فهل ساعدتني على ذلك ؟
فقال الشيخ الإمام : سوف أدلك على بعض أهل الخير ليساعدوك على توزيع المال
فعندنا في نفس اليوم إلى البحرين ... وقمنا بإجراءات تحويل المبلغ إلى أحد البنوك
في السعودية ، وبعد يومين رجعنا إلى مكة ، ومكثنا فيها ثلاث أيام ، ثم ودعنا صاحبنا
وأخبرناه بأن علينا العودة للكويت ، ووعدناه أن نرجع له بعد بضعة أيام ، وعند وصولنا
للكويت قضينا فيها أربعة أيام ، ثم رجعنا إلى مكة المكرمة ، وهناك
في الحرم وبعد البحث الطويل ...
وجدنا صاحبنا الذي كان مليونيراً واقف عند أحد ممرات الحرم ، مرتدي لباس
عمال النظافة الخاصين بالحرم ، ممسكاً بيده مكنسة ... يكنس الممر بها فلما اقتربنا
منه وسلمنا عليه ... اعتنقنا عناقاً حاراً ، وهو يرحب بنا ويقول : باركا لي .. باركا لي
فلما سألناه عن ماذا نبارك لك ؟
قال : لقد توظفه هنا بالحرم ( عامل نظافة ) وأجري الشهر 600 ريال ، كما أن
السكن عليهم وهي عبارة عن غرفة صغيرة يشاركني بها اثنين
من الأخوة الأفارقة + المواصلات فباركنا له وهنأناه على
هذهِ الوظيفة الشريفة التي تجر المكسب الطيب الحلال .
واليوم وبعد ثلاثة اعوام ... لا يزال هذا الرجل عامل نظافة في الحرم المكي
الشريف وهو الآن يحفظ كتاب الله العزيز ، وصحيح البخاري ومسلم
وجميع أئمة الحرم يعرفونه ويجالسونه .. بل أنه أكل معهم في صحنٍ واحد
بعد أن كان ملبسه ومأكله ومركبه في اليوم والليلة أضعاف ذلك
الأجر الشهري البسيط ( 600) ريال بمئات المرات
ولكن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه
نسأل الله أن يقبل توبته ويعلوا درجته في جنات النعيم
انه ولي ذلك والقادر عليه
قال تعالى : إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ 30 نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ.