فن إماراتي في النمسا

«أبيض وأسود وقصص»، و«شبكة العنكبوت»، هي أعمال فنية معاصرة، أنتجها الفنانان الإماراتيان ناصر نصر الله، وبدر العوضي، وشاركا بها في مشروع الفن المعاصر، الذي استضافته العاصمة النمساوية فيينا أخيراً، وعرض كلاهما تجربته الفنية وإبداعاته اللونية، وقدرته على رسم تفاصيل الحياة بعدسة الكاميرا وفرشاة الألوان، في معرض فني ضم نخبة من الفنانين المعاصرين.
واختير الفنانان للمشاركة في مشروع الفن المعاصر، بعد أن تم ترشيحهما من قبل دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، لتمثيلالإمارات، ضمن مشروع «بيت الفنان»، الذي استضاف فنانين من مختلف دول العالم للإقامة وإنتاج المشروعات الفنية في الشارقة، وتبادل الاستضافة مع عدد من تلك الدول، لغرض احتضان الفنانين الإماراتيين وعرض مشاركاتهم وتجاربهم الفنية وتبادل الخبرات الثقافية، وتعزيز أواصر التقاء الشعوب الإنسانية، والتعرف إلى حضارات المشاركين الآخرين والاستفادة من خبراتهم الفنية.
وجاءت المشاركة في مشروع الفنان المقيم أو «بيت الفنان» كما هو معروف، بالمصادفة، إذ إن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة غالباً ما ترشح فناناً واحداً فقط، للمشاركة في المشروع والسفر للدولة التي تحدد مسبقاً، على أن يمكث الفنان لمدة ثلاثة أشهر في سكن يضم فنانين من بلاد مختلفة، إلا أن هذا العام كان مختلفاً قليلاً، إذ ارتأت الدائرة إرسال فنانين ينتميان لمجالين مختلفين للمشاركة في المشروع ولكن لمدة شهر واحد، وذلك لأن فترة المشاركة إذا امتدت لثلاثة أشهر سيتخللها شهر رمضان.
وقال الفنان التشكيلي ناصر نصر الله، لـ«الإمارات اليوم» إن «مشاركته في المشروع هي الأولى من حيث فكرة الإقامة لمدة شهر مع فنانين، والاحتكاك بخبراتهم والتعرف إلى أساليب أعمالهم ،والمدارس التي ينتمون لها، وتنوع الخامات والمواد التي يستخدمونها في تنفيذ الأعمال الفنية»، لافتاً إلى أنه «اعتاد المشاركة في معارض فنية وتمثيل الإمارات في الخارج، إلا أن التحاقه بمشروع بيت الفنان مكنه من التواصل مع فنانين متنوعي المجالات، استفاد من طرق وأساليب تعاملهم مع اللوحة الفنية، وتوظيف الخامات بما يتناسق مع فكرة العمل».
قدم نصر الله، عملين فنيين في التشكيل المعاصر والتصوير الضوئي، أحدهما بعنوان «أبيض وأسود وقصص والآخر» بعنوان «أشياء»، وروى الفنان في العملين قصص متنوعة لكل مشهد معظمها من ذاكرة الفنان نفسه، وبالبعض الآخر تجسيد حياة ملونة على مشهد صامت.
وضم العمل الفني «أبيض وأسود وقصص»، 12 لوحات هي عبارة عن خلفيات التقطها بعشوائية الفنان لمناطق متفرقة في الشارقة وركز على المناطق الشعبية القديمة، إذ تعامل نصرالله مع الصور الملتقطة على أنها مشاهد صامته بلا حياه ولا حركة، لذلك صورت بالأبيض والأسود، كما استبعد الكائنات الحية وكل ما يدل على الحركة. واستكمل الفنان العمل الفني في النمسا، إذ قام بطباعة الصور الملتقطة سابقاً بقياس 50 سم، وبعث فيها الحياة والحركة من جديد، من خلال ادخال العنصر اللوني الصاخب والرسومات الحية، لتكمل المشهد الناقص في اللوحة، وطغى على الرسومات الجانب الخيالي والمجرد من الواقعية لتضفي على اللوحة جواً مرحاً وحركة دائمة للصورة السوداء، منها أسماك تطير ودراجة هوائية أمام بقالة صغيرة في حي شعبي قديم ولمبات ملونة لتزيين المنازل في المناسبات خصوصاً الأعراس، واستخدم الفنان ألوان الباستيل والأكريليك والألوان المائية لتحقيق الغرض الحركي.
أما العمل الفني «أشياء» فلجأ فيه نصر الله لعنصر بحث وجمع المواد والخامات، وهو عبارة عن ثلاثة دفاتر مصنوعة من أوراق معاد تصنيعها والمحاكة أوراقها يدوياً، بقياس ويحتوي كل دفتر على 10 أعمال تضم الخامات المجموعة من ثلاثة أماكن متفرقة، منها سكن إقامته والاستوديو الفني المشترك بين الفنانين وأسواق التخفيضات في النمسا. ويعد العمل قريباً لشخصية الفنان ويلامس الجزء الطفولي عنده، ويقول عن عمله إنه «رسوم وأفكار طفولية بتطبيق ناضج، ويجسد العمل في كل صفحة شخصيات غريبة أو مألوفة تشكلت من خامات ومواد مختلفه»، من أبرز الشخصيات مارد الفانوس، والوجه الحزين، وحيوانات، منها الحصان، والأغرب تجسيد صورة فيل يعمل في السيرك.